اتصل بنا : +212 (0)537-770-332
يشكل الجيبان الإسبانيان سبتة ومليلية، الواقعان على الساحل المتوسطي للمغرب، الحدود البرية الوحيدة التي تفصل بين أوروبا وأفريقيا. لذلك يشكل هذان الجيبان، منذ فترة طويلة، مناطق ذات اهتمام خاص في سياسات الهجرة الرامية إلى الحد من تدفقات المهاجرين المتوجهين نحو الاتحاد الأوروبي.
ففي أوائل سنوات التسعينات، بدأت أولى محاولات المهاجرين المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء[1] للوصول إلى أوروبا عن طريق عبور الحدود بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية. وتزامنت تلك المحاولات مع الفترة التي تم خلالها تنفيذ سياسة تعميم نظام التأشيرات وبالتالي تزايد الصعوبات المرتبطة بالعبور بشكل قانوني نحو التراب الأوروبي.
وفي محاولة لوقف هذه التدفقات، ستعمد الدولة الإسبانية تدريجيا إلى الرفع بشكل مستمر من علو السياج الحدودي وزيادة وسائل مراقبة حدودها في أفريقيا.
وبعد مرور عشر سنوات على الأحداث الدامية لجيبي سبتة ومليلية سنة 2005 – حيث أودت طلقات رصاص حي على جانبي الحدود بحياة أحد عشر شخصا على الأقل فيما جرح المئات خلال محاولتهم عبور السياج الحدودي الذي يحيط بهاذين الجيبين[2]–، ما زالت منطقة مليلية-الناظور (مدينة مغربية مجاورة) مسرحا لانتهاكات مستمرة للحقوق الأساسية للأشخاص في وضعية هجرة، خاصة المنحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء. ويبدو أن عناصر قوات الأمن المغربية والإسبانية في هذه المنطقة تستفيد من الإفلات من العقاب خلال تنفيذها العملي لسياسات مكافحة الهجرة غير النظامية.
في هذا التقرير يتم وصف وتحليل الأحداث المقلقة والبارزة التي تعكس توجها عاما اتخذته اليوم سياسات الهجرة الخاصة بالاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء فيه. سياسات مُحرضة على فرز “اللاجئين الصالحين” و”المهاجرين السيئين”[3]، ومُشجعة باستمرار ممارسات الترحيل والطرد والاحتجاز على حساب استقبال الأشخاص، وبهذا تمثل سبتة ومليلية مختبرين حقيقيين لمكافحة الهجرة غير الشرعية نحو الاتحاد الأوروبي.
يهدف هذا التقرير إلى فهمٍ أحسن للتعاون بين إسبانيا والمغرب فيما يخص تدبير الحدود الأورو-أفريقية. كما يصبو إلى تحليل الترتيبات التي قام من خلالها الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بنقل[4] مراقبة حدوده نحو المغرب بشكل دائم. ويحاول هذا التقرير إبراز الدور المركزي للجيبين الإسبانيين في سياسات فرز المرشحات والمرشحين للهجرة في اتجاه أوروبا.
في الأخير، فإن التقرير في مجمله يهدف إلى إبراز عواقب هذه السياسات على الأشخاص المستهدفين بها.
[1] يتعلق الأمر بالأشخاص المنحدرين من البلدان الواقعة في جنوب الصحراء الإفريقية.
[2] Migreurop, 2007, « Guerre aux migrants. Le livre noir de Ceuta et Melilla », E.Blanchard et A-S. Wender coord., éditions Syllepse.
[3] تمييز غير مؤسس له من الناحية التجريبية، ويُستخدم، كما يحاول هذا التقرير الكشف عنه، لإضفاء الشرعية على سياسات معينة للهجرة. فالعرقلة (Blocage) الحدودية تؤثر حتى على من يوصفون بـ”اللاجئين الصالحين”، وهو ما سيتضح مع حالة السوريات والسوريين والفلسطينيات والفلسطينيين القادمين من سوريا.
[4] تمت استعارة مفهوم “النقل” أو “التحويل” من لغة الاقتصاد: ويتعلق الأمر بقيام المقاولات والشركات بنقل أو تحويل أنشطتها خارج بلدانها الأصلية أو توطين رأسمالها التقني في بلدان خارجية. وقد تبنت شبكةMigreurop هذا المفهوم في بداية الألفية الجديدة: وتقصد به حرص الدول على نقل أو توسيع سياساتها خارج حدودها، من خلال تقديم مقابل معين أو من عبر إقامة نوع من توازن القوى. والمقصود هنا أن تتكفل دول أخرى بالقيام بمهمة تقع على عاتق الدولة المعنية. وهناك فئتان من هذه الممارسات منفصلتان لكن متداخلتان في الوقت نفسه: النقل أو المناولة للدول القريبة بالأساس من الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
انظر على سبيل المثال مقالا بعنوان “Qu’est-ce que l’externalisation” الصادر عقب الأيام الدراسية Externalisation de l’asile et de l’immigration -Après Ceuta et Melilla، les stratégies de l’Union européenne (نقل اللجوء والهجرة بعد سبتة ومليلية، الدور على استراتيجيات الاتحاد الأوروبي)، والتي تم تنظيمها في برايس سنة 2006 من طرف Le Gisti (مجموعة الإعلام ودعم المهاجرات والمهاجرين).
Téléchargez le Rapport conjoint Ceuta et Melilia centres de tri a ciel ouvert aux portes de l Afrique 2015