اتصل بنا : +212 (0)537-770-332
منذ نشر تقرير “كلفة وجراح” حول العمليات الأمنية التي تشنّها السّلطات بشمال المغرب ما بين يوليوز وشتنبر 2018، زادت وضعية الأجانب السّود تدهورا وذلك استنادا إلى عدّة شهادات تمّ سردها في مذكّرة “عمليات ترحيل مجّانية”.
في شهر شتنبر ندّدنا بالترحيل القسري الجماعي للأجانب السّود من شمال المملكة نحو المدن الدّاخلية خصوصا الجنوبية منها والبعيدة عن الحدود الإسبانية المغربية، هذا الترحيل الذي تمّ في ظروف لا تحترم حقوق الإنسان ولا السّلامة البدنية للأشخاص المستهدفين بما فيهم النّساء والقاصرين والأشخاص المعنيين بالحماية الدّولية. وتسبّبت هاته العمليات الأمنية في وفاة شخصين في ظلّ عدم توضيح السّلطات لملابسات ذلك.
تواكب هذه الأحداث العنيفة تدابير إبعاد وترحيل الأجانب خارج أي إطار قانوني. كما أن كلّ الشّهادات تعكس انتهاكا صريحا وواضحا للحقوق المرتبطة بالأجانب.
إنّ الظروف التي تمّت فيها هذه الاعتقالات (صعوبة الحصول على الطعام والولوج إلى المراحيض، انعدام شروط ملائمة للنوم، العنف اليومي وخصوصا أثناء مواجهة كل رفض لعملية الترحيل، العديد من الجرحى والمرضى الذين تم احتجازهم بدون تقديم ايّ مساعدة) تعتبر عارا على المملكة المغربية خصوصا في هذا السياق.
كما أن هذه الانتهاكات، شملتها خروقات مرتبطة بمساطر تبليغ وإخبار الأشخاص بأسباب الاعتقال، عدم احترام الآجال القانونية المرتبطة بالاعتقال، الحرمان من الاتصال بالمحامي والترجمة وممثلي القنصليات، مما حرم الأشخاص من الحق في الطعن ضد كل إجراءات الطرد والترحيل.
هذه الموجة القمعية المزدوجة، يجب ان تثير قريحة المجتمع المدني حول مدى إرادة السلطات المغربية في تطبيق “سياسة الهجرة الإنسانية الجديدة” التي أعلن عنها سنة 2013، والتي لم يتم الاستجابة لمقتضياتها بعد، ووقائع القمع والاعتقال والترحيل الممارسة في حق الأجانب السود
ومما يزيد من قلقنا هو ان القانون يتم خرقه من طرف أولئك الذين يدخلون في خانة منفذي القانون والمدافعين عن ضرورة احترامه.
كنا نعتقد أن التشريع الحالي رغم نواقصه يعتبر ضمانة لحقوق الأجانب المتواجدين على التراب المغربي، لكن يبدو أن هذه المقتضيات تبقى ضعيفة أمام الإجراءات الأمنية والقرارات الإدارية.
يضاف إلى كل هذا شهادات حية مرتبطة بالعنصرية والتمييز مما يجعل من الوضع أكثر سوءا.
في انسجام تام مع قناعاتها المرتبطة بمبدأ حرية التنقل، تؤكد كاديم من جديد على الطابع الأمني الطاغي على القانون 02-03 –المنظم للهجرة وإقامة الأجانب في المغرب كما تدعو من جديد الى ضرورة تغييره.
إن هذه الخروقات تمارس في إطار سياق متوتر
تزكيه الحملات الإعلامية المرتبطة بالهجرة الغير المنظمة التي بدأت منذ هذا الصيف.
كما تابعنا بكل أسف الحادثة المأساوية التي أدت إلى وفاة شابة مغربية بعد رميها بالرصاص الحي من طرف البحرية الملكية، في محاولة لعبورها لمضيق جبل طارق وإعادة نفس الحادث يوم التاسع من أكتوبر ونحن ننهي هذه المذكرة.
كل هذه الأحداث تعكس بالملموس السياسة الأمنية التي ينهجها المغرب اليوم بوضوح في مجال الهجرة.
وكما ذكرنا في تقريرنا السابق، “فإن المغرب اليوم يلعب لعبة خطيرة ومتناقضة بنهج سياسة قمعية وعنيفة تجاه الأجانب والمهاجرين الموجودين على أراضيه، في مقابل تقديم نفسه ” رياديا في ملف الهجرة داخل اﻻﺗﺤﺎد اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ، وهو الوضع الذي ﻳﺤﺎول اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻪ ﺑﻘﻮة في علاقته مع إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ استجابة لمصالحه الخارجية.
بعد خمس سنوات من إعلان السياسة الجديدة للهجرة، حان الوقت للتوضيح فإما أن المملكة، التي عادت للاتحاد الأفريقي في عام 2017، مصممة على الاضطلاع بدورها “الريادي” الأفريقي في قضايا الهجرة، من خلال كونها المتحدث باسم “أفريقيا الشعوب”، على أساس المثل العليا للانفتاح.
أو أن ذلك ليس إلا خطابات، وتسويات تقام في الكواليس مع الاتحاد الأوربي الذي لا ينفك يفتخر بالنموذج المغربي ويشجع كل الطرق من اجل دعمه ماليا ومعنويا كي يستمر في نهج سياسته في مجال الهجرة.